الضمير الهاجر

لن تستقيم حياتنا فعلاً ولن نحظي بحياة عادلة مستقرة وفقاً لفطرتنا التى فطرنا الله عليها. إلا بتفعيل حقيقى لثقافة الضمير. التى ستكون بمثابة ترمومتر ينذرنا بمدى التزامنا بفطرة الإسلام.
كلنا مسلم .. ومع ذلك نجور ونظلم فربة المنزل رغم إسلامها نجد منهن من يتعامل بشكر جائر مع عاملتها المنزلية ـــ فتراها لا تسمح لها بالنوم إلا متأخرة ــ بعد الانتهاء من كافة أعمال المنزل بعد يوم شاق من العمل والجهد اثر الانتهاء من أحد المناسبات وفى الوقت نفسه تطلب منها النهوض باكراً لتجهيز إفطار أطفالها قبل الذهاب للمدرسة ومن ثم تجهيز إفطارها وإفطار زوجها لتبدأ مرة أخرى بتجهيز طعام الغداء وغسيل الملابس وتنظيف المنزل وقهوة العصر وتجهيز العشاء ومن ثم تنظيف كافة مخلفات ما بدأته.
وننسى أو نتناسى بأن الله سبحانه وتعالى سخر لها هذا الكائن الذى قدم لها من آخر الدنيا ليكون بخدمتها وخدمة منزلها وأسرتها ــ وتغفل أيضاً كون ذلك الكائن لديه مشاعر وأحاسيس لا يقل عنها ـــ ولها أطفال ووالدين وأسرة وقد يكون أكثر ترابطاً مع أسرته في بلده منها.
وليت الأمر يقتصر على ذلك ـــ فتراها محرومة من كافة وسائل الاتصال أو الاتصال بذويها ـــ وتهددها بين الحين والآخر بأنها ستقوم بتسفيرها وأن تكلفة سفرها ستكون من مرتبها.

كلنا مسلم .. ومع ذلك نرى الموظف يقوم متعمداً بتأخير بعض المعاملات ليس كرهاً بالمواطن ولكن نكاية بالمدير.
كلنا مسلم .. ومع ذلك نرى بعض المسئولين لا يغض النظر عن بعض الأخطاء البسيطة ـــ ناسيا قول المصطفى (ص)
من ستر على مسلم في الدنيا ستره الله عليه في الآخرة والتي قد تكون لو دمحت لفاعلها ـــ لتم إدخاله مرحلة جديدة وناضجة من تجنب تلك الأخطاء.
فتراه أى المسئول يكبرها وهى صغيرة ويتحمل فاعلها عواقب وخيمة ـــ لا تمحوها السنين .

كلنا مسلم .. ومع ذلك نرى بعض المحققين يستخدم الحد الأقصى من سلطته ـــ ضارب بالنظام والقوانين الإنسانية عرض الحائط متجاهلاً كرامة الإنسان وما يمنحه الله لأخيه بنى آدم من حفظ كرامته حياً وميتاً.
كلنا مسلم .. ومع ذلك ترى المسئول الآخر يستأثر ويصطفى أقاربه وأصدقائه بأراضي المنح أو البعثات أو الهيئات أو الوظائف الشاغرة حارماً الضعيف والمستحق والمحتاج متناسياً العدالة السماوية وأن الله يمهل ولا يهمل.
كلنا مسلم .. ومع ذلك نجد من هو بيننا ليس للرحمة والرأفة لقلبه سبيل ــــ بل يزداد غيا على غي ويتلذذ بظلم غيره وسلب حقوقهم ويفرح ويفاخر مع الأسف لسوء فعله.
كل ما ذكرت وغيره كثير ستتلاشى تماماً من مجتمعنا النقي العادل النظيف لو تم تفعيل ثقافة الضمير .
إن بكل منا في داخله ضمير خامل يحتاج دوماً لمن يوقظه وينبهه.
حينما كنا صغاراً كانت منتهي أمانينا أن نكبر وحينما كبرنا لم نصدق مطلقاً أننا كبرنا ـــ بل أننا نرى من نرى من كبار السن ولا نصدق أبداً أننا سنكون مثلهم والحقيقة الحاسمة هى أننا إذا عطانا الله عمر سنكبر ونكبر إلى ما شاء الله أن نكبر وسنكون لا حقاً أشبه ما نكون من رأينا في مقبل عمرنا مثل أبو الفلان أو جد الفلان.
وسيرجع الضمير المهاجر لا محالة ــ ولكن على ذكريات ليست مبهجة وسيكون السعيد من إذا أراد النوم وضع رأسه على المخدة راح في سبات عميق لم يظلم أحد ولم يأخذ حق أحد .
حينما نصل إلى الثلث الأخير من العمر سيعود الضمير المهاجر ونصحى مع الذكريات وسنحاول بعد صحوة الضمير أن نقوم بإرضاء من ظلمناهم ولكن قد لا نجدهم حولنا فمنهم من يكون بعداد الموتى ــــ ومنهم من سافر إلى غير رجعه.
وعندها سنندم حينما لا ينفع الندم ..
لماذا لا نبدأ اليوم ؟ ـــ بزراعة وصناعة ذكريات جميلة ــ لتكون حديقة غناء ممتلئة بالأشجار الوارفة لنستظل بها عند الحاجة عند استعراضنا لتلك الذكريات.
جرب استخدام ضميرك وليس عاطفتك عند إصدار أى قرار يتعلق بالآخرين.
• لمحـــه :
اثنتان في الدنيا جزاءهما عاجل.
واثنتان في الدنيا عقوبتهما عاجلة.
الاثنتان الأولى البر والصدقة.
والاثنتان الثانية العقوق والظلم.
كفانا الله وإياكم شر الظلم وعواقبه.
ودمتم بود